الوضع يفرض تكوين حكومة أزمة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية: ارتفاع الأسعار وانهيار الدينار وانتشار البطالة ومواصلة التداين لدفع أجور الموظفين والمتقاعدين مع انخرام الميزان التجاري فكيف يمكن تدارك هذا الوضع ؟
الحكومة الجديدة مطالبة بدراسة مختلف أبعاد الأزمة الاقتصادية لمواجهتها بما تتطلبه إعادة النظر في المنوال الاقتصادي وعليها أن تخلق مناخ ثقة لجلب التمويل الخارجي واستضافة المؤسسات الاقتصادية الأجنبية واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك مع اتخاذ قرارات شبيهة بسياسة الوزير الهادي نويرة مع ضرورة اعتبار الظروف المالية الخاصّة لتكييفها أو ابتكار حلول جديدة. هذه السياسة تتطلب تعيين وزراء أكفاء من ذوي الاختصاص الاقتصادي ويحتم ذلك مراجعة الاتفاقيات الدولية لمواجهة المزاحمة لإنتاجنا الصناعي والفلاحي.
يرفض حزبي قلب تونس والدستور المشاركة في الحكومة مع حزب النهضة ولكن جلّ الأحزاب الأخرى بين كرّ وفرّ : يصرّح حزبي التيار والشعب على سبيل المثال عدم المشاركة في الحكومة ولكنهما في حقيقة الأمر يقدّمان شروطهما في المحاصصة قبل الالتحاق بركب النهضة ويطالبون بحكومة نكنوكاط. لن يغترّ الملاحظون بهذا الخطاب المزدوج وهذه المناورات في هذه الظروف ولكن المفاوضات لم تبدأ بصفة رسمية إلى حدّ الآن.
قررت النهضة أن تتولى رئاسة الحكومة (اجتماع مجلس الشورى 21 أكتوبر) ولكن ذلك لا يمنع من اختيار الفريق الاقتصادي الضروري ولكن هل تجرأ هذه الحكومة على مراجعة علاقاتها الدولية لحماية إنتاجنا وهل سيمكنها خطابها الإيديولوجي بمراجعة علاقاتها مع حلفائها الذين يفرضون علينا تبعية تجارية فعلية ؟ وهل ستنجح في توخي الميزاج بين المبدئية والواقعية وبين الإيديولوجية والبرغماتية ؟ وكيف ستمكن من التوفيق بين سياستها لتستجيب إلى مطالب الرئيس المنتخب إذن يوثر الديمقراطية المباشرة ويذكّر الجميع بضرورة تحقيق مطالب الثورة وتحسين مستوى العيش معتبرا أنّ قضية "الفقراء والبؤساء" أمانة (خطاب التنصيب 21 أكتوبر 2019) مما يتطلب تكوين حكومة أزمة لمواجهة التحدي الاقتصادي والاجتماعي.