banniere

حكومة كفاءات

د. خليفة الشاطر

وأخيرا ولدت الحكومة بعد مخاض عسير. تواصلت اللقاءات بين الأحزاب السياسية ولم يتمكن رئيس الحكومة الملكف الحبيب الجملي من التوافق مع هذه الأحزاب لأن شروطها تتعارض مع إرادة حزب النهضة الذي عين السيد حبيب الجملي وعين له دون شك تصوره الأولي.

خطاب الكفاءات:

اضطر السيد حبيب الجملي إلى تكوين وزارة "كفاءات مستقلة عن الأحزاب".قررت الأحزاب التيار والثورة وتحيى تونس عدم المشاركة وتجنّب رئيس الحكومة المكلف التحالف مع حزب قلب تونس لمعارضة حزب النهضة فحاول كسب موافقته دون مشاركة رسمية باختيار كفاءات تنتمي إليه.

وهكذا تقرر تكوين حكومة كفاءات وطنية ولكن العملية كانت تثير بعض انتقادات السياسيين الذين يطالبون باعتماد "الشرعية" الانتخابية كما بيّن بعضهم متطلبات الوضع السياسي الحرج لأن التدخل الأجنبي  في ليبيا قد يفرض أولويات استراتيجية وأمنية تتجاوز الكفاءات الاقتصادية الحرجة.

يبدو أن رئيس الحكومة المكلف قد فضل اعتماد الأولويات الاقتصادية الاجتماعية إذ أبرزت الانتخابات ضرورة تكوين  حكومة اجتماعية لمواجهة الأزمة الاقتصادية ورفع مستوى العيش وتحدي قضية البطالة مع العمل بصفة متوازية على إيقاف التداين ورفع قيمة الدينار لأن انهياره ساهم في غلاء المعيشة.

وهكذا فإن السيد الحبيب الجملي قد أبرز الهوية الاقتصادية – الاجتماعية للحكومة أثناء ندوته يوم غرة جانفي بقرطاج.

الخطاب والواقع:

نحتاج إلى مزيد من دراسة تراجم الوزراء المقترحين على البرلمان كي نكون علىبينة من كفاءاتهم واستقلالهم الفعلي.جل الوزراء غير معروفين على الساحة السياسية والاقتصادية وهكذا فإنهم يتمتعون بكفاءات نسبية باستثناء بعض وزراء من الحكومة السابقة.يبدو أن بعض الكفاءات الذي أراد رئيس الحكومة المكلف مشاركتها قد رفضت سعيه خشية تبعيته  لحزب النهضة أو لعلها تدرك أن عجز الميزان التجاري ومواصلة التداين لا يمنح للحكومة ميزانية هامة للتجهيز فلا تجد هذه الكفاءات الموارد الضرورية لرفع التحدي الاقتصادي.

لعل السيد الحبيب الجملي قد اقتصر على اختيار وزرائه من القوائم الت اقترحتها عليه حزب النهضة.وحزب قلب تونس نظرا لرفض الأحزاب الأخرى التعامل معه وهكذا يتجلى أن استقلالية الوزراء نسبية وكان بعضهم من "المقربين لحزب النهضة" ولكنهم لا ينتمون إلى الواجهة السياسية للأحزاب.

كما أشاد السيد الحبيب الجملي بالمشاركة النسائية في حكومته: 40% في المائة من الوزراء حسب تصريحه ولكن أهم الوزارات تولاها رجال إذ عين السيد الجملي 7 وزيرات من 28 وزير و 6 كاتبات دولة من 14 كتاب دولة.

كما ان ارتفاع عدد الوزراء (42) إضافة إلى العدد الكبير في المستشارين (مستشاري رئاسة الجمهورية والبرلمان) تتناقض مع سياسة التقشف التي يتطلبها الوضع.

 

الخلاصة :

هل تبعث حكومة الجملي على التفاؤل في وضعنا الحرج ؟ إن ضعف إمكانيات الدولة قد يحدد من آفاق نشاطها خاصة وأن تجربة جل أعضائها في الحكومة ضعيفة.

على هذه الحكومة أن تثبت على الساحة كفاءتها واستقلالها وأن تراجع بصفة جذرية سياسة الحكومة السابقة بالتجنّد في سياسة التنمية ومراجعة التبعية التجارية التي ضرت باقتصادنا دون أنتتنازل على سيادتنا وقد تحضىوالحالة تلك بالمساندة الشعبية الضرورية لبناء تونس جديدة تحافظ على مكاسبها وتبني الغد الأفضل.

 

 

تركيا والعالم العربي

د. خليفة الشاطر

تدخل في سوريا وتشجيع الانتفاضة، إعانة حكومة السراج في طرابلس لقلب ميزان القوى في الحرب الأهلية، معاداة النظام المصري الذ ي أبعد الإخوان المسلمين من الحكم، هل نستطيع تفسير السياسة التركية بالحنين إلى الماضي العثماني؟ هل أن غاية هذه السياسة دعم حركات الإسلام السياسي تجاوزا لإيديولوجية مصطفي كمال التحديثية؟  أم هل إنها تستغل البعد الإسلامي لتبرير الاستراتيجية العثمانية وإرث الخلافة؟

أولويات الحكومة التونسية

د. خليفة الشاطر

حكم بالصندوق وتمت الانتخابات فماهي أبعاد هذه الانتخابات؟

قال بعضهم : " إنها عكست اتجاهات شعبوية مثل الانتخابات الأمريكية أو الاستشارة الانقليزية التي أقصت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقد عرف المحللون الشعبوية بأبعاد النخبة لتقمص " الشعب الحقيقي" والدفاع عن مطالبه العفوية.

يجب علينا تنسيب هذا الرأي بالنسبة للواقع السياسي التونسي.  صحيح أن الانتخابات عاقبت الأحزاب في الحكم والمعارضة وقد اعتبرت أنها لم تف بوعودها ولم تكن في مستوى انتظاراتها ولكن هذه المواقف كانت نتيجة وعي عام و لعل الناخبون تمسكوا بالديموقراطية المباشرة نتيجة عدم رضاهم على الديمقراطية التمثيلية ونظام الحكم البرلماني النسبي الذي أقره دستور 2014 . الانتخابات أبررت مطالب المواطنين: التنمية الاقتصادية لرفع مستوى العيش والقضاء على البطالة والفقر مع محاربة الفساد وقد توخى هذه الأولويات بعض الأحزاب في برامجهم ولكن عليها أن تتجاوز النوايا محل إجماع الرأي العام وأن تقدم برامج تنفيذها بما يقتضي ذلك توضيح الخطط وبيان تاريخ إنجازها.

المشهد السياسي التونسي

د. خليفة الشاطر

ماهو الوضع الذي أفرزته الانتخابات وظروف تكوين الحكومة الجديدة؟

أحرزت النهضة على المرتبة الأولى في الانتخابات (52 على 217 عضو ولكنها خسرت أكثر من نصف قاعدتها الانتخابية)وانتخب رئيسها رئيسا للبرلمان وعين رئيس الحكومة التي بصدد تكوينها ولكن اختيار الوزير الأول قد اثار استقالة أمينها العام وغضب ثلة من قيادتها.  هل يؤدي هذا التململ إلى الانشقاق؟ ربما لا تبلغ هذه الأزمة القطيعة ولكن تفرغ رئيسها إلى الإشراف على البرلمان قد يحدث فراغا كبيرا ويغيّر ميزان القوى في الحركة الإسلامية كما نلاحظ أن مشروع أبعاد النهضة من الدعوة والخطاب التكفيري الإقصائيومنح الأولوية للسلوك السياسي قد آثار غضب جناحها اليميني الذي يطالب باتخاذ موقف تشدد مع مناداة بعض من هوامشهم إلى مشروع الخلافة ولن تنساق الأغلبية إلى هذا الاتجاه لأنها تتذكر اعتصام الرحيل في صائفة 2013 الذي أبعد النهضة من الحكومة فأصبحت تخشى أن تعيش محنة أخرى رغم علاقاتها الوطيدة بالحركة الإسلامية في تركيا وتحالفها مع دولة قطر. ولكن العربية السعودية والإمارات تعادي حركات الإسلام السياسي التي خسرت مصر والسودان.

كل تونسي له رأي سياسي

د. خليفة الشاطر

التصويت الاحتجاجي اثناء الانتخابات الرئاسية عبر عن نقد الطبقة السياسية وأبرز رفض المجتمع المدني بجميع عناصره لحوكمة البلاد. رد الفعل الجماعي يبين أن كل التونسيين يعتقدون أنهم سياسيين وأبرز أنهم حريصون على فرض آرائهم البديلة بما تتطلبه من تقديم أولويات الحكم حسب انتظاراتهم. انطلق انتقاد الحوكمة من ارتفاع المواد الغذائية أي من اعتبار تدهور مستوى العيش.تراكمت أسباب الغضب : البطالة، مستوى العيش، انهيار الدينار عدم وجود استراتيجية  تنمية مع المزيد من الاقتراض ولكن هل ننسى المثل الشعبي الفرنسي : " النقد سهل والفن صعب" أي ممارسة الحكم.